ابتهالات إِلَهِى أَنَا الْفَقِيرُ فِى غِنَاىَ إِلَهِى أَنَا الْفَقِيرُ فِى غِنَاىَ فَكَيْفَ لاَ أَكُونُ فَقِيرًا فِى فَقْرِى ؟
إِلَهِى أَنَا الْجَاهِلُ فِى عِلْمِى فَكَيْفَ لاَ أَكُونُ جَهُولاً فِى جَهْلِى ؟
إِلَهِى إِنَّ اخْتِلاَفَ تَدْبِيرِكَ وَسُرْعَةَ حُلُولِ مَقَادِيرِكَ مَنَعَا عِبَادَكَ الْعَارِفِينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ إِلَى عَطَاءٍ ، وَالْيَأْسِ مِنْكَ فِى بَلاَءٍ .
إِلَهِى مِنِّى مَا يَلِيقُ بِلُؤْمِى ، وَمِنْكَ مَا يَلِيقُ بِكَرَمِكَ .
إِلَهِى وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ بِى قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِى ، أَفَتَمْنَعُنِى مِنْهُمَا بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفِى ؟
إِلَهِى إِنْ ظَهَرَتِ الْمَحَاسِنُ مِنِّى فَبِفَضْلِكَ ، وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَىَّ ، وَإِنْ ظَهَرَتِ الْمَسَاوِئُ فَبِعَدْلِكَ وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَىَّ.
إِلَهِى كَيْفَ تَكِلُنِى إِلَى نَفْسِى وَقَدْ تَوَكَّلْتَ لِى ، وَكَيْفَ أُضَامُ وَأَنْتَ النَّاصِرُ لِى ، أَمْ كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ الِحَفِىُّ بِى ؟
هَا أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْرِى إِلَيْكَ ، وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِمَا هُوَ مُحَالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ ؟ أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حَالِى وَهِىَ لاَ تَخْفَى عَلَيْكَ ؟ أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ لَكَ بِمَقَالِى وَهُوَ مِنْكَ بَرَزَ إِلَيْكَ ؟ أَمْ كَيْفَ تَخِيبُ آَمَالِى وَهِىَ قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ ؟ أَمْ كَيْفَ لاَ تَحْسُنُ أَحْوَالِى وَبِكَ قَامَتْ وَإِلَيْكَ ؟ إِلَهِى مَا أَلْطَفَكَ بِى مَعَ عَظِيمِ جَهْلِى ، وَمَا أَرْحَمَكَ بِى مَعَ قَبِيحِ فِعْلِى ، إِلَهِى مَا أَقْرَبَكَ مِنِّى وَمَا أَبْعَدَنِى عَنْكَ ، إِلَهِى مَا أَرْأَفَكَ بِى ! فَمَا الَّذِى يَحْجُبُنِى عَنْكَ ؟ إِلَهِى قَدْ عَلِمْتُ بِاخْتِلاَفِ الآَثَارِ وَتَنَقُّلاَتِ الأَطْوَارِ أَنَّ مُرَادَكَ مِنِّى أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَىَّ فِى كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى لاَ أَجْهَلَكَ فِى شَىْءٍ . إِلَهِى كُلَّمَا أَخْرَسَنِى لُؤْمِى أَنْطَقَنِى كَرَمُكَ وَكُلَّمَا آيَسَتْنِى أَوْصَافِى أَطْمَعَتْنِى مِنَّتُكَ . إِلَهِى مَنْ كَانَتْ مَحَاسِنُهُ مَسَاوِىَ فَكَيْفَ لاَ تَكُونُ مَسَاوِيهِ مَسَاوِىَ ؟ وَمَنْ كَانَتْ حَقَائِقُهُ دَعَاوِىَ فَكَيْفَ لاَ تَكُونُ دَعَاوِيهِ دَعَاوِىَ ؟
إِلَهِى حُكْمُكَ النَّافِذُ وَمَشِيئَتُكَ الْقَاهِرَةُ لَمْ يَتْرُكَا لِذِى مَقَالٍ مَقَالاً ، وَلاَ لِذِى حَالٍ حَالاً . إِلَهِى كَمْ مِنْ طَاعَةٍ بَنَيْتُهَا وَحَالَةٍ شَيَّدْتُهَا هَدَمَ اعْتِمَادِى عَلَيْهَا عَدْلُكَ ، بَلْ أَقَالَنِى مِنْهَا فَضْلُكَ . إِلَهِى أَنْتَ تَعْلَمُ وَإِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّى فِعْلاً جَزْمًا فَقَدْ دَامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْمًا . إِلَهِى كَيْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ الْقَاهِرُ ؟ وَكَيْفَ لاَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ الآَمِرُ ؟
إِلَهِى تَرَدُّدِى فِى الآَثَارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزَارِ فَاجْمَعْنِى عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِى إِلَيْكَ . إِلَهِى كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِمَا هُوَ فِى وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ ؟ أَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ مَا لَيْسَ لَكَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرُ لَكَ ؟ مَتَى غِبْتَ حَتَّى تَحْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ ؟ وَمَتَى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الآَثَارُ هِىَ الَّتِى تُوصِلُ إِلَيْكَ ؟ إِلَهِى عَمِيَتْ عَيْنٌ لاَ تَرَاكَ عَلَيْهَا رَقِيبًا ، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيبًا . إِلَهِى أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الآَثَارِ فَارْجِعْنِى إِلَيْهَا بِكُسْوَةِ الأَنْوَارِ وَهِدَايَةِ الاسْتِبْصَارِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْهَا كَمَا دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْهَا مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا ، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الاعْتِمَادِ عَلَيْهَا ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ . إِلَهِى هَذَا ذُلِّى ظَاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَهَذَا حَالِى لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ ، مِنْكَ أَطْلُبُ الْوُصُولَ إِلَيْكَ ، وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ ، فَاهْدِنِى بِنُورِكَ إِلَيْكَ ، وَأَقِمْنِى بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ . إِلَهِى عَلِّمْنِى مِنْ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ ، وَصُنِّى
عن رواق زاوية الشيخ العارف بالله يوسف التليدي